القصر هو اختصار الصلاة من أربع ركعات إلى ركعتين، في صلاة الظهر، والعصر، والعشاء، فالصلاة الرباعية تغدو ثنائية، فالقصر جائز في القرآن، والسنة، والإجماع، أما بالقرآن فلقول الله تعالى:﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
والحقيقة أن القصر جائز حتى في حالة الأمن، والآية تشير إلى أن الإنسان إذا خاف أن يفتن، أو خاف من عدوٍ قصر الصلاة، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام قصر الصلاة في الحج، والعمرة، والسفر، وفي الغزو، فسنة النبي عليه الصلاة والسلام مفسرة للقرآن الكريم، قال عز وجل:﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
فالنبي عليه الصلاة والسلام أقواله تشريع، وأفعاله تشريع، وقد قصر الصلاة في السفر، و في الحج، و في العمرة، و في الغزو، فإذا قيّدت الآية بالخوف من فتنة العدو، فالنبي بسنته العملية أطلقها، وجعل مجرد السفر يجوز فيه قصر الصلاة.
أما جواز القصر من السنة فقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى طِنْفِسَةٍ لَهُ فَرَأَى قَوْمًا يُسَبِّحُونَ قَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلاءِ ؟ قُلْتُ: يُسَبِّحُونَ، قَالَ: لَوْ كُنْتُ مُصَلِّيًا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لأَتْمَمْتُهَا، صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَأَبَا بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ
وأجمع أهل العلم على أن من سافر سفراً تقصر في مثله الصلاة سواء كان السفر واجباً، كسفر الحج إلى المسجد الحرام، والجهاد، والهجرة، والعمرة، أو مستحباً كالسفر لزيارة الأخوة، وعيادة المرضى، وزيارة أحد المسجدين؛ مسجد المدينة والمسجد الأقصى إن شاء الله تعالى، وزيارة الوالدين أو أحدهما، أو مباحاً كسفر النزهة، أو الفرجة، أو التجارة، أو مُكرهاً على السفر كأسيرٍ اقتيد من مكان لآخر، أو مكروهاً كسفر المفرد بنفسه، فإذا سافر الإنسان بمفرده فسفره مكروه من دون جماعة، ففي كل هذه الأنواع من السفر يجوز قصر الصلاة، فهذا إجماع أهل العلم بالقرآن والسنة والإجماع .
ويشترط في القصر في الصلاة أن تكون المسافة مسافة قصر وهي 83 كيلو متراً، وأن يكون السفر مباحاً.
وينتهي قصر الصلاة بوصول المسافر إلى وطنه، أو مكان فيه زوجة له مدخول بها، أو بنية إقامة أربعة أيام فأكثر، وأما منزلك فلا تأثير له في القصر إلا إذا كانت به زوجة مدخول بها -كما أشرنا- ويجوز الجمع بين مشتركتي الوقت: الظهر والعصر في وقت إحداهما، وكذلك المغرب والعشاء، وقد اختلف أهل العلم في الجمع للمسافر هل هو لمن جدَّ به السير فقط أم يجوز له الجمع ولو في حال النزول؟
والراجح أنه يجوز له الجمع على كل حال جد به السير أم لم يجد به، لحديث معاذ رضي الله عنه في صحيح مسلم قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك، فكان يجمع الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء حتى إذا كان يوماً أخر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعاً. فدل هذا على أنه كان نازلا ولم يجد به السير، وإنما كان يدخل ويخرج من خيمته.
والخلاصة أنه لا يجوز لك الأخذ برخص السفر من القصر والجمع وغيرهما ما دمت تنوي إقامة أربعة أيام فأكثر.
Comments are closed.