أثار عرض التلفزيون الرسمي المصري لإعلان يحذر المواطنين من التحدث بشكل منفتح إلى الأجانب موجة من التعليقات الساخرة والاستياء بين النشطاء السياسيين وردود فعل واسعة، معتبرين أن هذا الإعلان يهدف إلى تشويه الثورة ووصم الثوار وكأنهم خونة يعبثون بالأمن القومي المصري.
وكان التلفزيون المصري بقنواته المختلفة قد بث هذا الإعلان الذي يظهر فيه أجنبي يدخل إلي مقهى ويتحدث إلى ثلاثة مواطنين مصريين إحداهم فتاة تتشح بكوفية فلسطينية وفي خلفية الصورة لافتة كتب عليها ”عيش حرية عدالة اجتماعية”.
وأثناء حديث الشخص الأجنبي إليهم عن أمور مثل التآمر على الجيش وأزمة الوقود وغلاء الأسعار، يقوم بإرسال هذه المعلومات عبر هاتفه النقال إلي رؤساءه وينتهي الإعلان الذي لا تتجاوز مدته 40 ثانية بعبارة ”كل كلمة بثمن.. الكلمة تنقذ وطن”.
وانتقد النشطاء ومرتادو مواقع التواصل الاجتماعي هذا الإعلان، فقال بعضهم إنه ”مخطط للقضاء على الثورة”، فيما رأى آخرون أن الإعلان إنما ينم عن جهل من صانعيه وممن أذاعه لأنه في دولة تعتمد على السياحة كمصدر دخل أساسي لا يجب الترهيب والتخويف من التعامل مع الأجانب.
وقالت الناشطة أسماء محفوظ على صفحتها إن هذا الإعلان يتماشى مع نفس الأسلوب الذي يهدف إلى تشويه الثورة والثوار وأنه يعكس قدراً كبيراً من السلبية متمثل في ضعف أجهزة الدولة في التصدي للجواسيس وطالبت الشعب باليقظة وصرف السياح الأجانب عن زيارة مصر.
وتضيف محفوظ أنها تشعر بأن الإعلان كان يقصد التوعية ولكنه فشل في ذلك فشلاً ذريعاً باستخدام لغة دون مستوى الثورة، وأوضحت أن التوعية الحقيقية المطلوبة هي المعنية بكيفية التعبير عن الرأي والوسائل الصحيحة للتعامل مع الأجانب.
وكما نشر وائل غنيم ادمن صفحة ”كلنا خالد سعيد” على الفيس بوك هذا الاعلان ودَون وائل وجهة نظرة عنه قائلا ”ان فكرة أن استخبارات الدول الأجنبية محتاجة تبعت ناس تقعد مع مصريين عاديين على القهوة عشان يعرفوا أحوال البلد،لاحظوا إن الشريحة المستهدفة مش احنا نهائيا، الشريحة المستهدفة هي الناس اللي مش بتدخل على الإنترنت وبشكل عام لسه بتعتبر اعلام الدولة هو مصدر الحقيقة بالنسبة ليهم، والهدف توصيل 3 أفكار رئيسية للشريحة دي وهى:
فكرة التحذير بشكل غير مباشر من إن المصريين بيتكلموا في القهاوي عن السياسة، وطبعا ده من بركات الثورة، لكن بالنسبة للي بيحكم البلد هو عايز الناس تتكلم في القهاوي عن المسرحيات والأفلام والماتشات وبس كده!
فكرة إن كل سائح عنده حب استطلاع وبيسأل أهل البلد عن بلدهم هيبقى عميل ويتعامل معاه من المنطلق ده. (وعلى فكرة احنا كمصريين لما بنسافر بره بنعمل كده لأن ده سلوك طبيعي لأي سائح بيحب يعرف المجتمع اللي بيزوره) وشوفوا أثر ده على السياحة مستقبلا وهذا ما نشرته صحفية بالاندبندنت الانجليزية فى تقرير لها عن هذا الاعلان.
البنت لابسة كوفية فلسطيني وفي الخلفية مكتوب” عيش حرية عدالة اجتماعية” كطريقة غير مباشرة لتوصيل فكرة إن الثوار هما اللي بيسربوا معلومات تضر أمن مصر للأجانب، وخصوصا كمان وهي بتتكلم عن اللي كانوا بيجهزوا مؤامرة ضد الجيش المصري في المترو، وده لاستمرار الرسائل السلبية ضد الثوار وتصويرهم بأنهم مجموعات ساذجة بتنساق بسهولة لأي عمل.
كما تزايدات التعليقات التى تندرج تحت هذا الاعلان على موقع”اليوتيوب” فسخر اسلام المصرى منه قائلا ”النهاردة دخل جاسوس سوبر ماركت وحاول يجرجر بتوع المحل فى حاجات يعنى سأل على تمن الرومى بكام والزيتون بكام وكيس مكرونة قلم بكام.. بجد انا بشكر تلفزيون بلدى الى قدر يكشفلى خطر الجاسوسية وانى ادى معلومات ببلاش للجواسيس.. اعلام مصرى ام الاجنبى ” وقال ميدو فؤاد ” والله الى عملوا الاعلان ده ناس عايشة فى الستينات وده مش غريب عليهم مهما تعاملوا مع الثورة بعقليه الجهلاء”.
وعلقت ايمان ناصف ”انهم عايزين يرجعونا تانى لزمن الى كان بيتكلم فيه عن مشاكل بلده او يدخل فى السياسة يتلفت حواليه ويقول احسن الحيطان ليها ودان”.
واضاف محمد البيومى ”الاعلان ده لو كان اتذاع على قناة الفراعين كان عمل شغل مع توفيق عكاشة ”وعلق هشام الليثى قائلا ”والله العظيم المفروض نقدم بلاغ ضد وزير الاعلام بسبب هذا الاعلان بتهمة الاضرار بالسياحة عشان ميستخفوش بعقولنا تانى”.
وعلى موقع” تويتر” أنشأ النشطاء صفحة باسم ”ريلي” وذلك لأنها الكلمة الانجليزية الوحيدة التي نطق بها من قام بدور الجاسوس.
وعلى هذه الصفحة توالت آلاف التغريدات التي تهاجم جميعها الإعلان ومن بين ما كتب على الصفحة ”علي كدا الواد اللي بيحط لي الفحم علي الشيشة جاسوس” و ”أكتر بلد فى العالم بتدعى ربنا يرزقها بالسياح هى البلد الوحيدة اللى بتحرض شعبها على منع السياح” و ”انا مش هقعد على قهوه تانى” و”الاعلان الذى ارهب اسرائيل و كرهني في عيشتي انا شخصيا”.
ومما قيل أيضاً رفضا لما جاء في نص الإعلان ”على فكرة الميدان مليان جواسيس اللي بياكل ذرة واللي بيشرب عصير واللي متخفي وشايل علم مصر” و ”يا جماعة أرجوكم محدش يقع بلسانه قدام حد أجنبي و يقول إن مصر حر معظم السنة”.
وعلى عكس التعليقات السابقة جاء تعليق اشرف الخولى قائلا ”التنبيه فى الاعلان شئ ايجابى خاصة الفكرة انك مش تتكلم فى السياسه بس لا متكلمش فى تفاصيل البلد مع حد ماتعرفوش خاصة لو كان اجنبى وده شئ منطقى وطبيعى وفكرة انو هيأثر فى السياحة فهذا غير صحيح لان السائح من المفترض انه فى اجازة قصيرة للاستمتاع بالجو والاثار والشواطئ مايهموش من قريب او بعيد احوال البلد ومشاكل واعباء المواطن العادى”.
وكشف مصدر داخل ماسبيرو أن جهة سيادية هي التي أمرت بعرض إعلان ”الجاسوس” الذي أثار جدلا كبيرا بعد أن تم البدء في عرضه الخميس.
واضاف المصدر إن الإعلان ليس من إنتاج أي شركة إعلانات خاصة، وليس إعلانا تجاريا، ولكنه يُعرض ضمن التنويهات والإعلانات الخاصة بعدد من الهيئات الحكومية مؤكدا على ان الإعلان جاء من جانب جهة سيادية، ووصل مباشرة لرئيس الاتحاد.
الجدير بالذكر ان هذا الاعلان تم ايقاف بثه عبر قنوات التليفزيون الرسمي المصري التى تصل الى 28 قناة ونحو 58 محطة إذاعية بعد موجة عارمة من الانتقادات والسخرية والتحذير من التأثير السلبي له على حركة السياحة في مصر والتي تعتبر من اهم مصادر الدخل في البلاد.
Comments are closed.