ما بين الحد من أعداد السيارات في طرق المملكة إلى قطع التيار الكهربائي، يفكر المسؤولون الأردنيون في حلول لأزمة طاقة يقول عنها الخبراء إنها تضع البلاد على شفا أزمة مالية.
وطالما كان الوقود والطاقة قضية أمن قومي بالنسبة للأردن، والتي على النقيض من دول الخليج المجاورة لها الغنية بالنفط، تعاني ندرة في الموارد الطبيعية وتستورد 98% من احتياجاتها من الطاقة.
ويقول خبراء إن مشكلات الطاقة الاخيرة نابعة من الانخفاض الحاد في إمداداتها من الغاز الطبيعي المصري. وكانت مصر توفر حتى عام 2010 80% من احتياجات البلاد من التيار الكهربائي- وهو ما وصل حاليا إلى أقل من 16% .
واضطرت عمان للاعتماد على سوق النفط العالمي الأكثر تقلبا، وذلك بسبب سلسلة من أعمال التخريب والتأخيرات الفنية التي أدت لانخفاض إمدادات الغاز الطبيعي من 240 مليون قدم مكعب إلى أقل من 40 مليون قدم مكعب يوميا.
وعندما أوقفت القاهرة بصورة كاملة الإمدادات الشهر الماضي من أجل تلبية زيادة في الطلب المحلي، يقول مسؤولون إن مشكلات الطاقة في الأردن انتقلت من كونها “قلقا” وطنيا، إلى حالة “طوارئ” وطنية.
وقال وزير الطاقة الأردني علاء البطاينة للصحفيين مؤخرا “أدركنا أننا لا يمكننا الاعتماد على الغاز الطبيعي المصرى وحده، وأنه يتعين علينا التركيز على الصخر الزيتي والعديد من مشاريع الطاقة المتجددة التي ستساعد في ضمان استقلال الطاقة بالأردن”.
وأضاف ” لكن في الوقت الحالي نواجه وضعا صعبا للغاية”.
وبلغت فاتورة الطاقة الوطنية في عمان أربعة مليارات دولار، ويتوقع أن تزيد عجز الموازنة الحكومية لعام 2012 لرقم قياسي يبلغ 8ر2 مليار دولار.
وقال سميح المعايطة، المتحدث باسم الحكومة، لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) إن ” أولوية الحكومة الحالية هو خفض العبء الذي تفرضه فاتورة الطاقة المحلية على الموازنة”.
وأضاف أن ” هذا ربما يكون التحدي الأكبر الذي يواجه الأردن”.
وفي ظل توفير شركة الكهرباء الحكومية الأردنية الطاقة للمواطنين باسعار أقل بنسبة 60% من تكاليف التوليد ونضوب احتياطيات الديزل، يقول مسؤولو الطاقة في البلاد إنهم يبذلون قصارى جهدهم “لاستمرار التيار الكهربائي” خلال الشهر الجاري.
وحذر مالك الكباريتي، رئيس شركة الكهرباء الوطنية الحكومية، من أنه ” ببساطة، ليس لدينا نفط أو وقود وليس لدينا فكرة عن كيفية شراء الوقود بعد الأسبوع المقبل”.
وأضاف الكباريتي أنه ” مالم نصل لحلول حقيقية قريبا، سنصل لنقطة اللاعودة”.
واقترح وزير المالية سليمان الحافظ نظاما لتسيير السيارات في الشوارع وفقا لنظام فردي وزوجي، بالتبادل حيث سيتم تسيير السيارات التي تحمل لوحاتها أرقاما فردية في يوم والسيارات التي تحمل أرقاما زوجية في اليوم الآخر.
وتتوقع مصادر حكومية أن يخفض الإجراء المثير للجدل- والذي فرضته عمان قبل ذلك خلال حرب الخليج عام 1991 بعد انقطاع امداداتها من النفط العراقي- نحو 20% من فاتورة الوقود الوطنية.
وقال مصدر حكومي إن ” هذا يعتبر وسيلة فعالة وفورية لخفض استهلاك البلاد من الوقود”.
ووفقا لحافظ، فإن عمان تميل إلى خفض استخدام الطاقة في القطاع العام، من خلال خطط لقطع التيار الكهرباء عن إنارة الشوارع على الطرق غير الضرورية وخفض استهلاك الكهرباء في المنشآت العامة.
وتستعد عمان لمزيد من الإجراءات ” المثيرة للجدل” في حال فشل حملتها لتوفير الوقود لكبح جماح فاتورة الطاقة الوطنية.
ومن بين الاقتراحات “الاكثر صعوبة” زيادة بنسبة 10% في أسعار الكهرباء في مسعى لمساعدة شركة الكهرباء الحكومية لسد عجز موازنتها المتنامي والبالغ 47ر3 مليار دولار، وفقا لما ذكره مصدر حكومي.
وقال المصدر ” لا أحد يريد زيادة أسعار الكهرباء في وقت يشهد مصاعب اقتصادية، لكن أحيانا لا يكون هناك حل آخر”.
إلا أن ارتفاع طفيف في أسعار الكهرباء ربما لا يكون كافيا لمنع ما يقول المسؤولون عنه إنه ” أسوأ السيناريوهات” وهو قطع التيار الكهربائي المبرمج.
ووفقا لخطة مقررة حاليا، فإن عمان ستقطع التيار الكهربائي على أحياء بعينها لما يربو على ثلاث ساعات يوميا لمواكبة الطلب الذي يتوقع أن يزيد على ثلاثة آلاف ميجاوات مطلع العام المقبل.
وأعرب مسؤولون بصورة خاصة عن قلقهم من أن الإجراءات الأكثر إثارة للجدل ستتسبب في رد فعل غاضب بالشوارع، حيث يتجمع متظاهرون مناهضون للحكومة بصورة شبه يومية منذ انطلاق ثورات الربيع العربي للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية.
لكن في ظل استنزاف الخزانة العامة الأردنية بملايين الدولارات يوميا من أجل واردات النفط، يقول مسؤولون إن الوقت ينفد أمام “حلول غير مؤلمة”.
وحذر الكباريتي من أنه ” على مدار سنوات، أصبح قطاع الطاقة في الأردن قنبلة موقوتة”.
وأضاف ” إذا لم نتحرك فورا فإن القنبلة ستنفجر في وجوهنا”.
Comments are closed.